أذكر أني ألقيت محاضرة في أحد المجمعات العسكرية بالرياض، وبعدها جاءني أحدهم وقال:
يا شيخ أريدك في موضوع ضروري جداً.
قلت: تفضل. . ما هو؟
فال: لا يصلح أن أذكره لك الآن، لا بد أن أقابلك في وقت واسع.
وجعل يعظّم حجم الموضوع وأنا أستمع له بلطف، فقد علمتني الحياة أن أكثر الناس يعطون الأمور أكبر من حجمها، وصاحب الحاجة مجنون بها حتى تقضى.
قال لي: أظن أن لك محاضرة غداً في مدينة كذا، وهي مدينة على بُعد 200 كم من الرياض.
قلت: صحيح.
قال: سآتي إليك هناك. . وأقابلك بعد المحاضرة .
تعجبتُ من حرصه. .
وفعلاً خرجتُ بعد المحاضرة، فخرج الرجل ورائي مسرعاً يحمل ورقة صغيرة في يده. . وقفتُ معه جانباً .
قلت: تفضل. . شكر الله حرصك. . ما حاجتك؟
قال: يا شيخ، عندي أخ يحمل الابتدائية. . وأريدك أن تدبر له وظيفة.
قلت: "بس" ؟!
قال: بس !!
كان الرجل متحمساً، ومنظره يثير الشفقة، ويبدو أن أخاه يمر بظروف صعبة فعلاً.
أيقنتُ أني لو وعدته سأخلف، فنحن في زمن لا يكاد حامل البكالوريوس أن يجد وظيفة، فضلاً عن حامل الابتدائية، وأنا أعرف حدود قدراتي .
كان الموقف مُحرِجاً بالنسبة إليّ، وتمنيت لو كان لي من الأمر شيء لأُعيْن ذا الحاجة الملهوف، لكني. . فعلاً لا أملك له شيئاً.
أردتُ أن أعتذر بأسلوب عاطفي يناسب حاله وحماسه.
قلت: يا أخي. . والله أتمنى مساعدتك، وأخوك أخي، وأنا أتألم له كما تتألم، لكني لا أستطيع مساعدتك أبداً، أتمنى أن تتكرم عليّ وتعفيني.
قال: يا شيخ حاول.
قلت: لا أقدر.
فناولني الورقة التي في يده، وقال: طيب يا شيخ هذه الورقة فيها أرقام هواتفنا، فإذا وجدتَ له وظيفة فاتصل بنا.
أدركتُ أنه يريد أن يربطني بحبل أمل، وسيظلّ ينتظر الاتصال، ويبقي الآمال ويتمنى ويُمنّي أخاه.
فقلت: بل دع الورقة معك. . وخذ رقمي أنت، وإن وجدتَ أنت له وظيفة فاتصل لعلّي أن أكتب لك شفاعة للمسئول فيها لقبوله .
سكت الرجل قليلاً. . انتظرتُ أن يودّعني . .
لكني تفاجئت أنه قال لي: بيض الله وجهك !! والله يا شيخ، سبق أن كلمت الأمير في موضوع أخي منذ سنة، فأخذ الورقة ولم يتصل بي إلى الآن .
ومرة كلمت اللواء، فأخذ الورقة أيضاً، ولم يتصل ولم يهتم، هؤلاء الناس لا يهتمون بالضعفاء، الله ينتقم منهم، الله... وبدأ يدعو عليهم، فقلت في نفسي: الحمد لله، لو أخذت الورقة لصرتُ أنا ثانيهم .
نعم. . فالاعتذار في البداية خير من إخلاف الوعد، ما أجمل أن نكون صرحاء مع الآخرين عارفين حدود قدراتنا.
وهذا ليس خاصاً فقط بحاجات الناس، بل حتى الحاجات الصغيرة للزوجة والأولاد .
فلا تقل: "طيب" وأنت تعلم أنك لا تستطيع .
الاعتذار في البداية خير من الاعتذار في النهاية .
يا شيخ أريدك في موضوع ضروري جداً.
قلت: تفضل. . ما هو؟
فال: لا يصلح أن أذكره لك الآن، لا بد أن أقابلك في وقت واسع.
وجعل يعظّم حجم الموضوع وأنا أستمع له بلطف، فقد علمتني الحياة أن أكثر الناس يعطون الأمور أكبر من حجمها، وصاحب الحاجة مجنون بها حتى تقضى.
قال لي: أظن أن لك محاضرة غداً في مدينة كذا، وهي مدينة على بُعد 200 كم من الرياض.
قلت: صحيح.
قال: سآتي إليك هناك. . وأقابلك بعد المحاضرة .
تعجبتُ من حرصه. .
وفعلاً خرجتُ بعد المحاضرة، فخرج الرجل ورائي مسرعاً يحمل ورقة صغيرة في يده. . وقفتُ معه جانباً .
قلت: تفضل. . شكر الله حرصك. . ما حاجتك؟
قال: يا شيخ، عندي أخ يحمل الابتدائية. . وأريدك أن تدبر له وظيفة.
قلت: "بس" ؟!
قال: بس !!
كان الرجل متحمساً، ومنظره يثير الشفقة، ويبدو أن أخاه يمر بظروف صعبة فعلاً.
أيقنتُ أني لو وعدته سأخلف، فنحن في زمن لا يكاد حامل البكالوريوس أن يجد وظيفة، فضلاً عن حامل الابتدائية، وأنا أعرف حدود قدراتي .
كان الموقف مُحرِجاً بالنسبة إليّ، وتمنيت لو كان لي من الأمر شيء لأُعيْن ذا الحاجة الملهوف، لكني. . فعلاً لا أملك له شيئاً.
أردتُ أن أعتذر بأسلوب عاطفي يناسب حاله وحماسه.
قلت: يا أخي. . والله أتمنى مساعدتك، وأخوك أخي، وأنا أتألم له كما تتألم، لكني لا أستطيع مساعدتك أبداً، أتمنى أن تتكرم عليّ وتعفيني.
قال: يا شيخ حاول.
قلت: لا أقدر.
فناولني الورقة التي في يده، وقال: طيب يا شيخ هذه الورقة فيها أرقام هواتفنا، فإذا وجدتَ له وظيفة فاتصل بنا.
أدركتُ أنه يريد أن يربطني بحبل أمل، وسيظلّ ينتظر الاتصال، ويبقي الآمال ويتمنى ويُمنّي أخاه.
فقلت: بل دع الورقة معك. . وخذ رقمي أنت، وإن وجدتَ أنت له وظيفة فاتصل لعلّي أن أكتب لك شفاعة للمسئول فيها لقبوله .
سكت الرجل قليلاً. . انتظرتُ أن يودّعني . .
لكني تفاجئت أنه قال لي: بيض الله وجهك !! والله يا شيخ، سبق أن كلمت الأمير في موضوع أخي منذ سنة، فأخذ الورقة ولم يتصل بي إلى الآن .
ومرة كلمت اللواء، فأخذ الورقة أيضاً، ولم يتصل ولم يهتم، هؤلاء الناس لا يهتمون بالضعفاء، الله ينتقم منهم، الله... وبدأ يدعو عليهم، فقلت في نفسي: الحمد لله، لو أخذت الورقة لصرتُ أنا ثانيهم .
نعم. . فالاعتذار في البداية خير من إخلاف الوعد، ما أجمل أن نكون صرحاء مع الآخرين عارفين حدود قدراتنا.
وهذا ليس خاصاً فقط بحاجات الناس، بل حتى الحاجات الصغيرة للزوجة والأولاد .
فلا تقل: "طيب" وأنت تعلم أنك لا تستطيع .
الاعتذار في البداية خير من الاعتذار في النهاية .
لا تعليقات على : "لا تتكلف ما لا تطيق"
إرسال تعليق